توقف الدراسة أمر جيد ام سيء؟



بدأتُ مسيرتي الدراسية بجامعة طرابلس كلية التربية منذ خريف 2016، و منذ تلك اللحظة أيقنت أن حياتي ستتغير وتأخد منحنى جديد، مختلف عن ما سبق، ستتحور شخصيتي وتنضج، وسأعرف ماذا أريد أن أكون و ما هي أهدافي المستقبلية.
في أول فصل دراسي لي في الجامعة قاموا بما يسمى اعتصام، وحينها لم اكن اعلم ماهو الإعتصام ولمَ يقومون به وأيضًا سبب هذه الإعتصامات! الحقيقة اأني ارتبكت ذلك اليوم ولم أعلم ماذا أفعل، فوجود الطلبة مجتمعين يدًا بيد أمام القسم مطالبين بحقوقهم وإمساكهم للافتات ويهتفون بصوتٍ عالٍ جعلني أدرك محور الاعتصام ولماذا يقاموا به.
و ذات الأمر ينطبق على اعضاء هيئة التدريس، فهم قاموا باعتصامٍ مطالبةٍ بحقوقهم المضطهدة والمسلوبة وبدورها ادارة الجامعة اصدرت قرارًا بإيقاف الدراسة لموعد غير محدود بغيةً لجذب إهتمام الحكومة ومن بيدهم تحقيق المطالب، في بادئ الامر غضبتُ وغضبت كثيرًا وذلك لأن دراستي قد توقفت وذلك سيؤخّر تخرجّي وغيرها من الامور ستتراكم علينا نحن الطلبة. ولكن عندما استفسرت عن الامر وعن الأسباب التي أدّت إليه فتيقّنت بأن اعضاء هيئة التدريس لهم الحق بالاعتصام وابداء رأيهم والمطالبة بحقوقهم طالما أدّوا عملهم كما هو مطلوب! فَلِمَ مرت السنوات ولم يتقاضوا فلسًا من راتبهم! والغريب في الأمر هو بالرغم من ذلك فكانوا مستمرين في اعطاء الطالب حقه الدراسي، أي أنهم أتوا على انفسهم من أجل مصلحة الطالب! وهذا الامر ازعجني، فكيف يكون حق المعلم مهضوم وهو الذي له الاولوية وهو بالطبع جميع التخصاصات تحتاج الى معلم، لكي تصبح طبيب لابد من معلم يرشدك للعلم الصحيح، ولكي تصبح مهندس لابد من معلم يريك أسس الهندسة المعمارية إلى أن تصبح ملم بجميع الجوانب التي تحتاجها، ولن تصل إليها لوحدك دون معلمك!
و بما انني سأصبح استاذة في المستقبل إن شاء الله، فوضعت نفسي في مكانهم، وتخيّلتُ أن اخصص من وقتي يوميًا واشرح واحضّر دروسًاواذهب كل يوم للمدرسة أو للجامعة من الصباح الباكر واعادة الدروس لي اكثر من فصل ويصبح هذا الشيء روتينًا لسنوات عدة، وفي هذه السنوات كلها لن اتقاضى فلسًا! حتما انه شي مؤسف ومحبط.
اسأل الله أن يكون في عون أساتذتنا الفاضلين وأن يسترجعوا حقوقهم في اسرع وقت ممكن.

 في عام 2020 وتحديدًا في بداية العام، اجتاح العالم فيروس وقد انتشرت الاخبار في الصحف والمجلات وفي التلفاز بتفشّيه وهو مايسمى بكوڤيد-19 وهو فيروس سريع الانتشار ويؤدي الى وفاة المُصاب به احيانًا، وفي ذاك الوقت فرضت الحكومات بجميع الدول ضرورة اقامة حجر صحّي وذلك بالبقاء في المنزل وعدم الخروج إلا في حالات الضرورة، والأمر انطبق على جميع المؤسسات التعليمية ببلدي وبمَ فيها جامعة طرابلس بجميع كلياتها. ولأن هذا الأمر جديد ولأن الخوف قد تملّكنا ف حرصًا على سلامتنا إلتزمنا بالنصائح والقرارات التي فرضتها البلاد. اتذكر ذاك اليوم وكأنه حصل بالأمس، في البداية شعرت بقلق شديد وكأن هذه نهاية العالم، لم أعتقد أن بإمكاننا النضال ومصارعة هذا الفيروس والحفاظ على صحتنا الحالية. ولكن لم يكن الحال دوما بخير! فمنذ بداية شهر مارس الدراسة انهارت، فكل يوم يصدر قرار جديد وذلك خوفا على سلامة الطلاب، وبعد عدة اشهر من البقاء بالمنزل آن الأوان للعودة للمدارس والجامعات، وبالتأكيد لابد من اتخاذ اجراءات احترازية حفاظا على سلامة الجميع.
و كخلاصة، توقف الدراسة بسبب كورونا كان له ايجابيات مثلما له سلبيات ولكن سأبدأ بذكر السلبيات وهي: تراكم المنهج، قصر الوقت كان عامل اساسي في ضياع الطالب وبدون الذكر أن الذهاب إلى الجامعة في حد ذاته أمرٌ يدعو للخوف من أن يلتقط احدنا العدوى و يصاب بالفيروس الذي ليس له علاج!
أمّا بالتسبة للإيجابيات فهي أننا اخذنا فترة نقاهة بإبتعادنا عن الدراسة، فتلك الفترة كانت كافية لجعلنا ندرك قيمة الدراسة وكم هو مهم كوننا طلاب جامعيين، وأن ندرس ونحقق مطالبنا، والأهم من ذلك هو حصولنا على وقت كافٍ مع عائلاتنا ويبقائنا في المنزل. والحمد لله على كل حال، الحمد لله على أدق التفاصيل وعلى جميع النِعم التي هي حولنا ولا نشعر بها لشدة كرم الله علينا.

أدام الله هذه الأيام الجميلة وحفظكم الله ورعاكم🤍

Comments